معنى كلمة مسخرات في سورة النحل

خواص دارویی و گیاهی

معنى كلمة مسخرات في سورة النحل
معنى كلمة مسخرات في سورة النحل

Copy Right By 2016 – 1395



(وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ((12)

المفردات:

سخر: ساقه قهرا إلى الغرض المراد.

آيات: علامات ظاهرة (دلالات).

المعنى الإجمالي:

معنى كلمة مسخرات في سورة النحل

جعل الله لنا الليل لننام فيه ونرتاح، وجعل لنا النهار لنعمل فيه ونكد، وجعل لنا من الشمس الضياء والدفء، ومن القمر النور، وكذلك فالنجوم العظيمة تسير وفق أمر الله سبحانه وتعالى، وبها نهتدي إلى معرفة الاتجاهات، وهي زينة في السماء، وهذه الفوائد المذكورة لليل والنهار والشمس والقمر والنجوم هي من سبيل البيان لا الحصر، وفي هذه الأمور التي سخرها الله علامات ظاهرة دالة على وحدانيته وقدرته ونعمته، فسبحان من خلق السموات وسخر ما فيها لنا، ما أعظمه وأكرمه!

المعنى التفصيلي:

– جاء التعبير (سخر) بالفعل الماضي لا المضارع مع أن آيات الليل والنهار والشمس والقمر مازالت مسخرة إلى غاية الآن؛ وذلك لأن التسخير سنة ربانية تم قضاؤها، فناسب التعبير بالماضي؛ وما نراه من التسخير هو من آثار القضاء الإلهي السابق، أي أنه قانون إلهي تم قضاؤه على الليل والنهار والشمس والقمر فهي تسير بناء على ما قضي.

– لماذا قدم ذكر الليل على النهار في هذه الآية وغيرها؟ وذلك لأن خلق الليل كان قبل خلق النهار قال تعالى (أنتم أشد خلقا أم السماء بناها (27) رفع سمكها فسواها (28) وأغطش ليلها وأخرج ضحاها (29)) (النازعات)

(وأغطش ليلها): جعله مظلما.

(وأخرج ضحاها): أنار نهارها.

– وقدم ذكر الشمس على القمر؛ لأنها الأصل في الإضاءة والقمر تبع لها.

– وقدم ذكر الشمس والقمر على ذكر النجوم؛ لأن الشمس والقمر ألصق بالأرض من النجوم البعيدة، ولأن آثارهما على الأرض أوضح من أثر النجوم، فالليل والنهار من أثر الشمس، والنور في الليل من أثر القمر، وغير ذلك من الآثار الأخرى.

– أفرد ذكر تسخير النجوم في جملة أخرى مستقلة عن التي قبلها (والنجوم مسخرات بأمره)؛ لأن شأن النجوم في الخلق أعظم مما ذكر من الليل والنهار والشمس والقمر، ولأن النجوم ليست تبعا للشمس أو للقمر، ولأن الشمس نجم من النجوم، وفي النجوم ما يفوق الشمس في الحجم والقوة.

– وعبر عن الليل والنهار والشمس والقمر بالفعل (سخر)، وعبر عن النجوم بالاسم (مسخرات)؛ لأن الاسم أقوى في التأكيد على المعنى من الفعل، فنقول: صدق فلان، فإذا استمر على صدقه صار صادقا، أي أصبح وصف الصدق مستمرا وملازما.

جاء التعبير عن النجوم بالاسم لا الفعل؛ لأن النجوم أعظم من الشمس والقمر، فعددها بالمليارات، وأحجامها مما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.

(والنجوم مسخرات بأمره) جاء (بأمره) مع ذكر التسخير تأكيدا على أن هذه النجوم العظيمة هي ملك لله، ورغم عظمتها فهي بأمره.

– (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) جاءت الجملة مؤكدة بـ (إن) و (اللام)؛ لضرورة استخدام العقل في استنباط العبر من تسخير الأمور المذكورة.

– جاء في الآية السابقة إفراد لفظ (آية): (إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) وفي الآية التالية لفظ الآية مفرد أيضا (إن في ذلك لآية لقوم يذكرون)، ولكن في هذه الآية جمع لفظ الآية (لآيات) (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون).

– وجاء التعبير بـ “قوم” في قوله تعالى (لقوم يعقلون) للإشارة إلى أن المقصودين هم من أصبح استعمال العقل صفتهم التي عليها يجتمعون، ولأجل هذه الصفة المشتركة استحقوا إطلاق “قوم” عليهم، وليسوا ممن استعمل عقله مرة واحدة أو عدة مرات متفرقة، وفي غير ذلك لا يعقلون، وهذا ما يفيده الفعل المضارع، فإن استعمالهم لعقولهم متجدد متكرر، وليس في واقعة واحدة.

وسبب الجمع في هذه الآية هو أن عالم الفضاء فيه من العبر ما يفوق ما على الأرض من العبر، ومن طالع ما يكتبه المختصون في عالم الفضاء لعلم أن في كل أمر آية.

– جاء التعبير في هذه الآية بـ (يعقلون) لأن آيات عالم الفضاء لا يستقل بمعرفتها العامة من الناس، بل لا بد من استخدام العقل لمعرفتها.

مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري للمكتبة الشاملة، وقد تم التركيز على توفير محرك بحث سريع ودقيق لكافة أجزاء المحتوى، وأيضا توفير تصفح سلس وسهل لمحتوى المكتبة ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.

تم الحصول على المحتوى من برنامج المكتبة الشاملة الشهير.

المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.

المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.

الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ

1 النحل *أضغط هنا لعرض كامل السورة

تفسير بن كثير

{ أتى} يخبر تعالى عن اقتراب الساعة ودنوها، معبّرا بصيغة الماضي الدال على التحقق والوقوع لا محالة، كقوله: { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} ، وقال: { اقتربت الساعة وانشق القمر} ، وقوله: { فلا تستعجلوه} أي قرب ما تباعد فلا تستعجلوه، والضمير يعود على العذاب، كقوله تعالى: { ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون} ، فإنهم استعجلوا العذاب قبل كونه استبعادا وتكذيبا، ثم إنه تعالى نزه نفسه عن شركهم به غيره، وعبادتهم معه ما سواه من الأوثان والأنداد، تعالى وتقدس علوا كبيرا، وهؤلاء هم المكذبون بالساعة “”في اللباب: أخرج ابن مردويه: لما نزلت { أتى أمر الله} وغمر أصحاب رسول اللّه حتى نزلت { فلا تستعجلوه} فسكتوا – وأخرج عبد اللّه بن الإمام أحمد: لما نزلت { أتى أمر اللّه} قاموا، فنزلت: { فلا تستعجلوه} “”، فقال: { سبحانه وتعالى عما يشركون} .

تفسير الجلالين

معنى كلمة مسخرات في سورة النحل

لما استبطأ المشركون العذاب نزل: { أتى أمر الله } أي الساعة، وأتى بصيغة الماضي لتحقق وقوعه أي قرب { فلا تستعجلوه } تطلبوه قبل حينه فإنه واقع لا محالة { سبحانه } تنزيهاً له { وتعالى عما يشركون } به غيره .

تفسير الطبري

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { أَتَى أَمْر اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَتَى أَمْر اللَّه فَقَرُبَ مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَدَنَا , فَلَا تَسْتَعْجِلُوا وُقُوعه . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَمْر الَّذِي أَعْلَمَ اللَّه عِبَاده مَجِيئَهُ وَقُرْبه مِنْهُمْ مَا هُوَ , وَأَيّ شَيْء هُوَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ فَرَائِضه وَأَحْكَامه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16195 – حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { أَتَى أَمْر اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } قَالَ : الْأَحْكَام وَالْحُدُود وَالْفَرَائِض . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ وَعِيد مِنْ اللَّه لِأَهْلِ الشِّرْك بِهِ , أَخْبَرَهُمْ أَنَّ السَّاعَة قَدْ قَرُبَتْ وَأَنَّ عَذَابهمْ قَدْ حَضَرَ أَجَله فَدَنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16196 – حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , يَعْنِي : { أَتَى أَمْر اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } قَالَ رِجَال مِنْ الْمُنَافِقِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : إِنَّ هَذَا يَزْعُم أَنَّ أَمْر اللَّه أَتَى , فَأَمْسِكُوا عَنْ بَعْض مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ حَتَّى تَنْظُرُوا مَا هُوَ كَائِن ! فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَنْزِل شَيْء , قَالُوا : مَا نَرَاهُ نَزَلَ شَيْء ; فَنَزَلَتْ : { اِقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابهمْ وَهُمْ فِي غَفْلَة مُعْرِضُونَ } 21 1 فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا يَزْعُم مِثْلهَا أَيْضًا . فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَنْزِل شَيْء , قَالُوا : مَا نَرَاهُ نَزَلَ شَيْء ; فَنَزَلَتْ : { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَاب إِلَى أُمَّة مَعْدُودَة لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسهُ أَلَا يَوْم يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } 11 8 16197 – حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبَى بَكْر بْن حَفْص , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { أَتَى أَمْر اللَّه } رَفَعُوا رُءُوسهمْ , فَنَزَلَتْ : { فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } 16198 – حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر بْن شُعَيْب , قَالَ : سَمِعْت أَبَا صَادِق يَقْرَأ : ” يَا عِبَادِي أَتَى أَمْر اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ” . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ تَهْدِيد مِنْ أَهْل الْكُفْر بِهِ وَبِرَسُولِهِ , وَإِعْلَام مِنْهُ لَهُمْ قُرْب الْعَذَاب مِنْهُمْ وَالْهَلَاك ; وَذَلِكَ أَنَّهُ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى تَقْرِيعه الْمُشْرِكِينَ وَوَعِيده لَهُمْ . وَبَعْد , فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَعْجَلَ فَرَائِض قَبْل أَنْ تُفْرَض عَلَيْهِمْ فَيُقَال لَهُمْ مِنْ أَجْل ذَلِكَ : قَدْ جَاءَتْكُمْ فَرَائِض اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهَا . وَأَمَّا مُسْتَعْجِلُو الْعَذَاب مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَقَدْ كَانُوا كَثِيرًا . وَقَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تَنْزِيهًا لِلَّهِ وَعُلُوًّا لَهُ عَنْ الشِّرْك الَّذِي كَانَتْ قُرَيْش وَمَنْ كَانَ مِنْ الْعَرَب عَلَى مِثْل مَا هُمْ عَلَيْهِ يَدِين بِهِ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله تَعَالَى : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } فَقَرَأَ ذَلِكَ أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَر عَنْ أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ وَتَوْجِيه لِلْخِطَابِ بِالِاسْتِعْجَالِ إِلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَذَلِكَ قَرَءُوا الثَّانِيَة بِالْيَاءِ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة بِالتَّاءِ عَلَى تَوْجِيه الْخِطَاب بِقَوْلِهِ : { فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } إِلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى : ” عَمَّا يُشْرِكُونَ ” إِلَى الْمُشْرِكِينَ . وَالْقِرَاءَة بِالتَّاءِ فِي الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا عَلَى وَجْه الْخِطَاب لِلْمُشْرِكِينَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِمَا بَيَّنْت مِنْ التَّأْوِيل أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ وَعِيد مِنْ اللَّه لِلْمُشْرِكِينَ ; اِبْتَدَأَ أَوَّل الْآيَة بِتَهْدِيدِهِمْ وَخَتَمَ آخِرهَا بِنَكِيرِ فِعْلهمْ وَاسْتِعْظَام كُفْرهمْ عَلَى وَجْه الْخِطَاب لَهُمْ . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { أَتَى أَمْر اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَتَى أَمْر اللَّه فَقَرُبَ مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَدَنَا , فَلَا تَسْتَعْجِلُوا وُقُوعه . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَمْر الَّذِي أَعْلَمَ اللَّه عِبَاده مَجِيئَهُ وَقُرْبه مِنْهُمْ مَا هُوَ , وَأَيّ شَيْء هُوَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ فَرَائِضه وَأَحْكَامه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16195 – حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { أَتَى أَمْر اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } قَالَ : الْأَحْكَام وَالْحُدُود وَالْفَرَائِض . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ وَعِيد مِنْ اللَّه لِأَهْلِ الشِّرْك بِهِ , أَخْبَرَهُمْ أَنَّ السَّاعَة قَدْ قَرُبَتْ وَأَنَّ عَذَابهمْ قَدْ حَضَرَ أَجَله فَدَنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16196 – حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , يَعْنِي : { أَتَى أَمْر اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } قَالَ رِجَال مِنْ الْمُنَافِقِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : إِنَّ هَذَا يَزْعُم أَنَّ أَمْر اللَّه أَتَى , فَأَمْسِكُوا عَنْ بَعْض مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ حَتَّى تَنْظُرُوا مَا هُوَ كَائِن ! فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَنْزِل شَيْء , قَالُوا : مَا نَرَاهُ نَزَلَ شَيْء ; فَنَزَلَتْ : { اِقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابهمْ وَهُمْ فِي غَفْلَة مُعْرِضُونَ } 21 1 فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا يَزْعُم مِثْلهَا أَيْضًا . فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَنْزِل شَيْء , قَالُوا : مَا نَرَاهُ نَزَلَ شَيْء ; فَنَزَلَتْ : { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَاب إِلَى أُمَّة مَعْدُودَة لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسهُ أَلَا يَوْم يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } 11 8 16197 – حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبَى بَكْر بْن حَفْص , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { أَتَى أَمْر اللَّه } رَفَعُوا رُءُوسهمْ , فَنَزَلَتْ : { فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } 16198 – حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر بْن شُعَيْب , قَالَ : سَمِعْت أَبَا صَادِق يَقْرَأ : ” يَا عِبَادِي أَتَى أَمْر اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ” . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ تَهْدِيد مِنْ أَهْل الْكُفْر بِهِ وَبِرَسُولِهِ , وَإِعْلَام مِنْهُ لَهُمْ قُرْب الْعَذَاب مِنْهُمْ وَالْهَلَاك ; وَذَلِكَ أَنَّهُ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى تَقْرِيعه الْمُشْرِكِينَ وَوَعِيده لَهُمْ . وَبَعْد , فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَعْجَلَ فَرَائِض قَبْل أَنْ تُفْرَض عَلَيْهِمْ فَيُقَال لَهُمْ مِنْ أَجْل ذَلِكَ : قَدْ جَاءَتْكُمْ فَرَائِض اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهَا . وَأَمَّا مُسْتَعْجِلُو الْعَذَاب مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَقَدْ كَانُوا كَثِيرًا . وَقَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تَنْزِيهًا لِلَّهِ وَعُلُوًّا لَهُ عَنْ الشِّرْك الَّذِي كَانَتْ قُرَيْش وَمَنْ كَانَ مِنْ الْعَرَب عَلَى مِثْل مَا هُمْ عَلَيْهِ يَدِين بِهِ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله تَعَالَى : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } فَقَرَأَ ذَلِكَ أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَر عَنْ أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ وَتَوْجِيه لِلْخِطَابِ بِالِاسْتِعْجَالِ إِلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَذَلِكَ قَرَءُوا الثَّانِيَة بِالْيَاءِ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة بِالتَّاءِ عَلَى تَوْجِيه الْخِطَاب بِقَوْلِهِ : { فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ } إِلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى : ” عَمَّا يُشْرِكُونَ ” إِلَى الْمُشْرِكِينَ . وَالْقِرَاءَة بِالتَّاءِ فِي الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا عَلَى وَجْه الْخِطَاب لِلْمُشْرِكِينَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِمَا بَيَّنْت مِنْ التَّأْوِيل أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ وَعِيد مِنْ اللَّه لِلْمُشْرِكِينَ ; اِبْتَدَأَ أَوَّل الْآيَة بِتَهْدِيدِهِمْ وَخَتَمَ آخِرهَا بِنَكِيرِ فِعْلهمْ وَاسْتِعْظَام كُفْرهمْ عَلَى وَجْه الْخِطَاب لَهُمْ .’

تفسير القرطبي

قوله تعالى { أتى أمر الله فلا تستعجلوه} قيل { أتى} بمعنى يأتي؛ فهو كقولك : إن أكرمتني أكرمتك. وقد تقدم أن أخبار الله تعالى في الماضي والمستقبل سواء؛ لأنه آت لا محالة، كقوله { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار} [الأعراف : 44]. و { أمر الله} عقابه لمن أقام على الشرك وتكذيب رسوله. قال الحسن وابن جريج والضحاك : إنه ما جاء به القرآن من فرائضه وأحكامه. وفيه بعد؛ لأنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة استعجل فرائض الله من قبل أن تفرض عليهم، وأما مستعجلو العذاب والعقاب فذلك منقول عن كثير من كفار قريش وغيرهم، حتى قال النضر بن الحارث { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك} الآية، فاستعجل العذاب. قلت : قد يستدل الضحاك بقول عمر رضي الله عنه : وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر؛ خرجه مسلم والبخاري. وقال الزجاج : هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم، وهو كقوله { حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور} [هود : 40]. وقيل : هو يوم القيامة أو ما يدل على قربها من أشراطها. قال ابن عباس : لما نزلت { اقتربت الساعة وانشق القمر} [القمر : 1] قال الكفار : إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون، فأمسكوا وانتظروا فلم يروا شيئا، فقالوا : ما نرى شيئا فنزلت { اقترب للناس حسابهم} [الأنبياء : 1] الآية. فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة، فامتدت الأيام فقالوا : ما نرى شيئا فنزلت { أتى أمر الله} فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وخافوا؛ فنزلت { فلا تستعجلوه} فاطمأنوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (بعثت أنا والساعة كهاتين) وأشار بأصبعيه : السبابة والتي تليها. يقول : (إن كادت لتسبقني فسبقتها). وقال ابن عباس : كان بعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، وأن جبريل لما أمر بأهل السماوات مبعوثا إلى محمد صلى الله عليه وسلم قالوا الله أكبر، قد قامت الساعة. قوله تعالى { سبحانه وتعالى عما يشركون} أي تنزيها له عما يصفونه به من أنه لا يقدر على قيام الساعة، وذلك أنهم يقولون : لا يقدر أحد على بعث الأموات، فوصفوه بالعجز الذي لا يوصف به إلا المخلوق، وذلك شرك. وقيل { عما يشركون} أي عن إشراكهم. وقيل { ما} بمعنى الذي أي ارتفع عن الذين أشركوا به.

الشيخ الشعراوي – فيديو

سورة النحل الايات 1 – 2

تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي

هكذا تبدأ السورة الجليلة؛ مُوضِّحةً أن قضاءَ الله وحُكْمه بنصر الرسول والمؤمنين لا شَكَّ فيه ولا محَالة؛ وأن هزيمة أهل الكفر قادمة، ولا مَفرَّ منها إنْ هُم استمرُّوا على الكفر.وقد سبق أنْ أنذرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بما نَزل عليه من آيات الكتاب؛ أنذرهم في السورة السابقة ببعض العذاب الدنيوي، كنصر الإيمان على الكفر، وأنذرهم مِنْ قَبْل أيضاً ببعض العذاب في الآخرة، كقوْل الحق سبحانه: {  فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } [غافر: 77].وكذلك قوله الحق: {  سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } [القمر: 45].وهكذا وعد الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أنْ يهزِم معسكر الكفر، وأنْ ينصرَ معسكر الإيمان؛ وإما أنْ يرى ذلك بعينيه أو إنْ قبض الحق أجلَه فسيراها في الآخرة.وعن حال الرسول صلى الله عليه وسلم قال سبحانه: {  إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } [الحجر: 95].وأنذر الحق سبحانه أهل الشرك بأنهم في جهنم في اليوم الآخر، وهنا يقول سبحانه:{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } [النحل: 1].وهذا إيضاحٌ بمرحلة من مراحل الإخبار بما يُنذِرون به، كما قال مرة: {  ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } [القمر: 1].أي: اقتربتْ ساعة القيامة التي يكون من بعدها حسابُ الآخرة والعذاب لِمَنْ كفر، والجنة لِمَنْ آمنَ وعمِل صالحاً، فاقترابُ الساعة غَيْر مُخيف في ذاته، بل مُخيف لِمَا فيه من الحساب والعقاب.وقيل: إن أهلَ الكُفْر لحظة أنْ سَمِعوا قول الحق سبحانه: {  ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } [القمر: 1].قالوا: ” فلننتظر قليلاً؛ فقد يكون ما يُبلِّغ به محمد صحيحاً ” وبعد أن انتظروا بعضاً من الوقت، ولم تَأْتِ الساعة كما بَشَّر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قالوا: انتظرنا ولم تَأْتِ الساعة، فنزل قول الحق سبحانه: {  ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } [الأنبياء: 1].وهذا حديث عن الأمر الذي سيحدث فوْرَ قيام الساعة، فَهَادنُوا وانتظروا قليلاً، ثم قالوا: أيْنَ الحساب إذن؟ فنزل قوله تعالى:{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ.. } [النحل: 1].وساعة سَمِع الكُلُّ ذلك فَزِعوا؛ بمن فيهم من المسلمين؛ وجاء الإسعاف في قوله من بعد ذلك:{ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ… } [النحل: 1].أي: أن الأمر الذي يُعلنه محمد صلى الله عليه وسلم لا يعلم ميعادَه إلا الله سبحانه؛ واطمأنَّ المسلمون.وكُلُّ حدث من الأحداث ـ كما نعلم ـ يحتاج كُلٌّ منها لظرفيْن؛ ظرْفِ زمانٍ؛ وظرْفِ مكان. والأفعال التي تدلُّ على هذه الظروف إما فِعْل مَاض؛ فظرْفُه كان قبل أن نتكلَم، وفعلٌ مضارع. أي: أنه حَلَّ، إلا إنْ كان مقروناً بـ ” س ” أو بـ ” سوف “.أي: أن الفعل سيقع في مستقبل قريب إنْ كان مقروناً بـ ” س ” أو في المستقبل غير المحدد والبعيد إن كان مسبوقاً بـ ” سوف ” ، وهكذا تكون الأفعال ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً.وكلمة (أتى) تدلُّ على أن الذي يُخبرك به ـ وهو الله سبحانه ـ إنما يُخبِرك بشيء قد حدث قبل الكلام، وهو يُخبِر به، والبشر قد يتكلَّمون عن أشياءَ وقعتْ؛ ويُخبِرون بها بعضَهم البعض.ولكن المتكلِّم هنا هو الحقُّ سبحانه؛ وهو حين يتكلَّم بالقرآن فهو سبحانه لا ينقص عِلْمه أبداً، وهو علم أَزَليٌّ، وهو قادر على أن يأتيَ المستقبل وَفْق ما قال، وقد أعدَّ توقيت ومكان كُل شيء من قبل أنْ يخلقَ؛ وهو سبحانه خالق من قبل أن يخلق أي شيء؛ فالخَلْق صفة ذاتية فيه؛ وهو مُنزَّه في كل شيء؛ ولذلك قال:{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ } [النحل: 1].أي: أنه العليمُ بزمن وقوع كُلِّ حدَث، وقد ثبت التسبيح له ذاتاً من قَبْل أن يوجد الخَلْق؛ فهو القائل: {  يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } [الأنبياء: 20].ثم خلق السماوات وخلق الأرض وغيرهما.أي: أنه مُسبِّح به من قَبْل خَلْق السماوات والأرض، وهو القائل سبحانه: {  سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [الحشر: 1].ولكن هل انتهى التسبيح؟ لا، بل التسبيح مُستمِرٌّ أبداً، فهو القائل: {  يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [الجمعة: 1].إذن: فقد ثبتتْ له ” السُّبْحَانية ” في ذاته، ثم وجد الملائكة يُسبِّحون الليلَ والنهارَ ولا يفترُون، ثم خلق السماء والأرض، فسبَّح ما فيهما وما بينهما؛ وجاء خَلْقه يُسبِّحون أيضاً ـ فيا مَنْ آمنتَ بالله إلهاً سَبِّح كما سَبَّحَ كُلُّ الكون.ولقائل أنْ يسألَ: وما علاقة ” سبحانه وتعالى ” بما يُشرِكون؟ ونعلم أنهم أشركوا بالله آلهةً لا تُكلِّفهم بتكليف تعبُّدي، ولم تُنزِل منهجاً؛ بل تُحلِّل لهم كُلَّ مُحرَّم، وتنهاهم عن بعضٍ من الحلال، وتخلوْا بذلك عن اتباع ما جاء به الرُّسل مُبلِّغين عن الله من تكليف يحمل مشقَّة الإيمان.وهؤلاء هم مَنْ سيلقوْنَ الله، وتسألهم الملائكة: أين هم الشركاء الذين عبدتموهم مع الله؟ ولن يدفَع عنهم أحدٌ هَوْلَ ما يلاقونه من العذاب.وهكذا تعرَّفْنا على أن تنزيه الله سبحانه وتعالى ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً هو أمر ثابتٌ له قَبْل أنْ يُوجَد شيء، وأمرٌ قد ثبت له بعد الملائكة، وثبتَ له بعد وجود السماوات والأرض. وهو أمر طلب الله من العبد المُخيَّر أن يفعله؛ وانقسم العبادُ قسمين، قِسْم آمن وسبَّح، وقِسْم له يُسبِّح فتعالى عنهم الحق سبحانه لأنهم مُشْركون.ويقول سبحانه من بعد ذلك: { يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ… }.

اسباب النزول – أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي

قوله تعالى: { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ} الآية. [1].
قال ابن عباس: لما أنزل الله تعالى: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ} قال الكفار بعضهم لبعض: إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن. فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا: ما نرى شيئاً، فأنزل الله تعالى: { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة. فلما امتدت الأيام قالوا: يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوفنا به، فأنزل الله تعالى: { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ} فوثب النبي صلى الله عليه وسلم، ورفع الناس رءوسهم، فنزل { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} فاطمأنوا. فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت أنا والساعة كهاتين – وأشار بإصبعه – إن كادت لتسبقني.
وقال الآخرون: الأمر ها هنا: العذاب بالسيف. وهذا جواب النضر بن الحارث حين قال: { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ} يستعجل العذاب، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

بسم الله الرحمن الرحيم
( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون )
قوله تعالى : ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون )
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أن الله تعالى لما أجاب في هذه الآية عن السؤال الذي ذكرناه من وجهين :
الأول : أن نقول : إن حدوث الحوادث في هذا العالم السفلي مسندة إلى الاتصالات الفلكية والتشكلات الكوكبية ، إلا أنه لا بد لحركاتها واتصالاتها من أسباب ، وأسباب تلك الحركات إما ذواتها ، وإما أمور مغايرة لها ، والأول باطل لوجهين :
الأول : أن الأجسام متماثلة ، فلو كان جسم علة لصفة لكان كل جسم واجب الاتصاف بتلك الصفة وهو محال .
والثاني : أن ذات الجسم لو كانت علة لحصول هذا الجزء من الحركة لوجب دوام هذا الجزء من الحركة بدوام تلك الذات ، ولو كان كذلك ، لوجب بقاء الجسم على حالة واحدة من غير تغير أصلا ، وذلك يوجب كونه ساكنا ، ويمنع من كونه متحركا ، فثبت أن القول بأن الجسم متحرك لذاته يوجب كونه ساكنا لذاته وما أفضى ثبوته إلى عدمه كان باطلا ، فثبت أن الجسم يمتنع أن يكون متحركا لكونه جسما ، فبقي أن يكون متحركا لغيره ، وذلك الغير إما أن يكون ساريا فيه أو مباينا عنه ، والأول باطل ; لأن البحث المذكور عائد في أن ذلك الجسم بعينه لما اختص بتلك القوة بعينها دون سائر الأجسام ، فثبت أن محرك أجسام الأفلاك والكواكب أمور مباينة عنها ، وذلك المباين إن كان جسما أو جسمانيا عاد التقسم الأول فيه ، وإن لم يكن جسما ولا جسمانيا فإما أن يكون موجبا بالذات أو فاعلا مختارا ، والأول باطل ، لأن نسبة ذلك الموجب بالذات إلى جميع الأجسام على السوية ، فلم يكن بعض الأجسام بقبول بعض الآثار المعينة أولى من بعض ، ولما بطل هذا ثبت أن محرك الأفلاك والكواكب هو الفاعل المختار القادر المنزه عن كونه جسما وجسمانيا ، وذلك هو الله تعالى ، فالحاصل أنا ولو حكمنا بإسناد حوادث العالم السفلي إلى الحركات الفلكية والكوكبية فهذه الحركات الكوكبية والفلكية لا يمكن إسنادها إلى أفلاك أخرى ، وإلا لزم التسلسل وهو محال ، فوجب أن يكون خالق هذه الحركات ومدبرها هو الله تعالى ، وإذا كانت الحوادث السفلية مستندة إلى الحركات الفلكية ، وثبت أن الحركات الفلكية حادثة بتخليق الله تعالى وتقديره وتكوينه ، فكان هذا اعترافا بأن الكل من الله تعالى وبإحداثه وتخليقه ، وهذا هو المراد من قوله : ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر ) يعني : إن كانت تلك الحوادث السفلية لأجل تعاقب الليل والنهار وحركات الشمس والقمر ، فهذه الأشياء لا بد وأن يكون حدوثها بتخليق الله تعالى وتسخيره قطعا للتسلسل ، ولما تم هذا الدليل في هذا المقام لا جرم ختم هذه الآية بقوله : ( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) يعني : أن كل من كان عاقلا علم أن القول بالتسلسل باطل ، ولا بد من الانتهاء في آخر الأمر إلى الفاعل المختار القدير ، فهذا تقرير أحد الجوابين .
والجواب الثاني عن ذلك السؤال : أن نقول : نحن نقيم الدلالة على أنه لا يجوز أن يكون حدوث النبات والحيوان لأجل تأثير الطباع والأفلاك والأنجم ، وذلك لأن تأثير الطبائع والأفلاك والأنجم والشمس والقمر بالنسبة إلى الكل واحد ، ثم نرى أنه إذا تولد العنب كان قشره على طبع ، وعجمه على طبع ، ولحمه على طبع ثالث ، وماؤه على طبع رابع ، بل نقول : إنا نرى في الورد ما يكون أحد وجهي الورقة الواحدة منه في غاية الصفرة ، والوجه الثاني من تلك الورقة في غاية الحمرة ، وتلك الورقة تكون في غاية الرقة واللطافة ، ونعلم بالضرورة أن نسبة الأنجم والأفلاك إلى وجهي تلك الورقة الرقيقة ، نسبة واحدة ، والطبيعة الواحدة في المادة الواحدة لا تفعل إلا فعلا واحدا ، ألا ترى أنهم قالوا : شكل البسيط هو الكرة ؛ لأن تأثير الطبيعة الواحدة في المادة الواحدة يجب أن يكون متشابها ، والشكل الذي يتشابه جميع جوانبه هو الكرة ، وأيضا إذا وضعنا الشمع فإذا استضاء خمسة أذرع من ذلك الشمع من أحد الجوانب ، وجب أن يحصل مثل هذا الأثر في جميع الجوانب ; لأن الطبيعة المؤثرة يجب أن تتشابه نسبتها إلى كل الجوانب .
إذا ثبت هذا فنقول : ظهر أن نسبة الشمس والقمر والأنجم والأفلاك والطبائع إلى وجهي تلك الورقة اللطيفة الرقيقة نسبة واحدة ، وثبت أن الطبيعة المؤثرة متى كانت نسبتها واحدة كان الأثر متشابها وثبت أن الأثر غير متشابه ، لأن أحد جانبي تلك الورقة في غاية الصفرة ، والوجه الثاني في غاية الحمرة ، فهذا يفيد القطع بأن المؤثر في حصول هذه الصفات والألوان والأحوال ليس هو الطبيعة ، بل المؤثر فيها هو الفاعل المختار الحكيم ، وهو الله سبحانه وتعالى ، وهذا هو المراد من قوله : ( وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه ) .
واعلم أنه لما كان مدار هذه الحجة على أن المؤثر الموجب بالذات وبالطبيعة يجب أن يكون نسبته إلى الكل نسبة واحدة ، فلما دل الحس في هذه الأجسام النباتية على اختلاف صفاتها وتنافر أحوالها ظهر أن المؤثر فيها ليس واجبا بالذات بل فاعلا مختارا ، فهذا تمام تقرير هذه الدلائل ، وثبت أن ختم الآية الأولى بقوله : ( لقوم يتفكرون ) والآية الثانية بقوله : ( لقوم يعقلون ) والآية الثالثة بقوله : ( لقوم يذكرون ) هو الذي نبه على هذه الفوائد النفيسة والدلائل الظاهرة والحمد لله على ألطافه في الدين والدنيا .
المسألة الثانية : قرأ ابن عامر : ( والشمس والقمر والنجوم ) كلها بالرفع على الابتداء ، والخبر هو قوله : ( مسخرات ) وقرأ حفص عن عاصم : ( والنجوم ) بالرفع على أن يكون قوله : ( والنجوم ) ابتداء ، وإنما حملها على هذا لئلا يتكرر لفظ التسخير ، إذ العرب لا تقول سخرت هذا الشيء مسخرا ، فجوابه أن المعنى أنه تعالى سخر لنا هذه الأشياء حال كونها مسخرة تحت قدرته وإرادته ، وهذا هو الكلام الصحيح ، والتقدير : أنه تعالى سخر للناس هذه الأشياء وجعلها موافقة لمصالحها حال كونها مسخرة تحت قدرة الله تعالى وأمره وإذنه ، وعلى هذا التقدير فالتكرير الخالي عن الفائدة غير لازم والله أعلم .

الآية رقم ( 277 ) من سورة البقرة برواية :

جميع الحقوق محفوظة لموقع ن للقرآن وعلومه ( 2021 – 2005)

  nQuran.com

معنى كلمة مسخرات في سورة النحل
معنى كلمة مسخرات في سورة النحل
0

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *